اجتماع دول الخليج وزيارة المقداد للسعودية… هل اقترب موعد عودة سوريا للجامعة العربية؟
في خضم التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة العربية، وتغير خارطة التحالفات إلى حد كبير، ووسط حراك دبلوماسي تقوده الرياض وعواصم عربية عدة، دعا مجلس التعاون الخليجي، إلى اجتماع لبحث إمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
وأفادت وسائل إعلام عربية، أنه من المقرر أن ينعقد الاجتماع في جدة بالسعودية، يوم الجمعة، بمشاركة وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق، وفقا لـ "سبوتنيك".
ووصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، اليوم الأربعاء، إلى مدينة جدة السعودية، بهدف إجراء محادثات مع الجانب السعودي حول جهود حل الأزمة السورية وعودة اللاجئين.
وطرح البعض تساؤلات بشأن أهمية الاجتماع الخليجي، وإمكانية أن يفضي إلى إجماع عربي يدفع لعودة سوريا للجامعة العربية وحضور قمة الرياض المقبلة.
حراك منظم
اعتبر أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، أن الدعوة لاجتماع دول مجلس التعاون الخليجي لبحث موضوع عودة سوريا للجامعة العربية يمكن وصفه بـ "إزاحة الهم" وخطوة مفصلية على طريق تحويل المبادرات الثنائية لبعض الدول العربية تجاه دمشق إلى حراك منظم وقرار جماعي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن خروج المنظومة الخليجية بقرار واضح حول عودة سوريا يعني فيما يعنيه زوال أحد أهم العوائق أمام تنقية الأجواء العربية، كون بعض الدول الخليجية احتفظت (دون غيرها وحتى أمد قريب جدا) بخطاب رافض للعودة السورية، كما انخرط بعضها سابقا إلى أبعد الدرجات في الممارسات المناهضة للحكومة السورية، وفي المقابل فإن بعضها الآخر، كالإمارات العربية المتحدة وعمان، كانت في طليعة الدول العربية التي استعادت علاقاتها الدبلوماسية والسياسية الكاملة مع سوريا.
وتابع: "من هنا فإن الاجتماع الخليجي بمبادرة سعودية يعني ترجيح كفة دعم العودة السورية بصورة حاسمة، حيث تبحث السعودية على ما يبدو عن تحصيل الإجماع الخليجي بهذا الشأن، ولكنها ترسل في الوقت ذاته رسالة واضحة حول دورها الأساس في القرار الخليجي".
وقال أسامة دنورة: "بالتالي فإن دورها يحقق اتزانا في القرار العربي، وإذا ما أضفنا الأهمية الحاسمة لموقف الدول الثلاث، مصر والأردن والعراق، فإن احتفاظ أي طرف عربي بعد هذا الاجتماع بموقفه الرافض لاستعادة العلاقات مع دمشق يعني أنه سيغرد منفردا خارج السرب العربي وسيتجه بموقفه نحو العزلة".
ويرى المحلل السوري أن اتخاذ مثل هذا القرار بدعم ومباركة سعودية يعني ترجيح كفة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ما بين الدول العربية على كفة داعمي سياسات التدخل وإثارة الاضطرابات، وهذا يمهد إلى عودة معالم الاستقرار في العلاقات (العربية - العربية) من جهة، والاستقرار الداخلي في الدول العربية من جهة أخرى.
وتابع دنورة: "استعادة الدور السوري الكامل ضمن المنظومة الرسمية العربية يمهد بالتأكيد لفرض عودة سوريا على الأطراف الدولية التي لا تزال تحتفظ بموقف القطيعة أو التحفظ تجاه دمشق، كما يعني منح سورية عمقا سياسيا لا يستهان بأهميته في مواجهة قوى الاحتلال والإرهاب والانعزال التي لا تزال موجودة على أرضها".
دلالات ونتائج مهمة
في السياق ذاته، اعتبر علاء الأصفري، المحلل السياسي السوري، أن الاجتماع يأتي في سياق شبه إجماع عربي حول عودة سوريا لمقعدها بجامعة الدول العربية، وهناك دول مثل الإمارات والسعودية ومصر والعراق وتونس والأردن وسلطة عمان، يريدون العودة وينفتحون بشكل واسع على دمشق.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن هذه التحركات إيجابية، وتعمل على كسر الطوق الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية، والحصار الاقتصادي والسياسي في محاولة عزل الدولة السورية على المجتمع الدولي، وهي تنذر بانفتاح عربي كبير وواسع على دمشق، تمهيدا لحضور الرئيس بشار الأسد إلى القمة العربية في مايو المقبل.
ويرى أن العلاقات السورية العربية في طريق عودتها قوية كالسابق، وهي تحمل دلالات ونتائج مهمة جدا لسلامة الإقليم، باعتبار أن سوريا حجر الأساس في الأمن القومي العربي، وأساس التوازن في العلاقات ما بين الدول العربية والخليج من طرف، وما بين إيران من طرف آخر.
وقال الأصفري إن الزخم الذي تعود سوريا من خلاله للجامعة كبير جدا، وهي خطوة تؤثر إيجابا على سلامة الإقليم بشكل كامل، لا سيما في خضم المبادرة الأخيرة لإعادة العلاقات السعودية الإيرانية، وهو مؤشر إضافي على أن المنطقة سوف تشهد نوعا من الاستقرار الكبير، على الرغم من توجس بعض الدول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر.
وأوضح المحلل السياسي السوري أن كسر الحصار يعني إعادة اللاجئين السوريين والنازحين في الخارج إلى أرض الوطن للمساهمة في إعادة الإعمار المزمع قريبا، لا سيما وهو يتزامن مع المفاوضات التي تعتبر إيجابية إلى حد ما مع الجانب التركي، في محاولة لإقناع أنقرة بالانسحاب من الأراضي السورية ووقف دعم الجماعات
بدوره، اعتبر المحلل السياسي السعودي سعد عبد الله الحامد، أن الحراك السعودي تجاه سوريا، يأتي في ظل وجود إجماع عربي على عودة دمشق إلى الجامعة العربية، حيث لم يحقق ترك سوريا في الماضي لهذا الوضع إلا تجاذبات كبيرة، واختطاف هذا البلد، فيما لم يحقق أي عائد أو نتيجة إيجابية على الأمن القومي العربي.
وأضاف في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، ترك سوريا بهذا الشكل، أفرز جماعات متشددة سيطرت ميلشياتها على سوريا، وهددت الأوضاع في المنطقة والدول المجاورة، كما أنه لم يأت بأي نتيجة إيجابية، أو تترك فرصة لإحداث عملية سياسية توافقية ما بين الحكومة وأطياف المعارضة في الداخل، وإنما زادت الأوضاع واتجهت سوريا إلى التفتت وتردي الأوضاع الإنسانية، لا سيما بعد حادث الزلزال.
وأوضح الحامد أن الجميع أدركوا بأن قطع قنوات التواصل مع سوريا على مدار السنوات الماضية لم يحقق أي فائدة للدول العربية، حتى على مستوى إيصال المساعدات الإغاثية التي دفعت إلى بدء التقارب العربي مع سوريا، كما حدث مع مصر والإمارات والسعودية وغيرها من الدول.
ويعتقد المحلل السياسي السعودي، أن المسؤولين في المملكة يروون أهمية عودة سوريا لحاضنتها العربية، وعدم تركها فيما تعيشه من تشتت وتخريب لمؤسسات الدولة، معتبرا أن الدعوة السعودية لسوريا لحضور القمة العربية تأتي انطلاقا من هذه القناعة، حول أهمية عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية، في ظل التحولات الإقليمية وما تشهده المنطقة.
ويرى الحامد أن عودة العلاقات السعودية الإيرانية كان لها كبير الأثر في عودة العلاقات ما بين الرياض ودمشق، مع وجود تفاهمات بعدم التدخل في الشأن السوري، مشيرا إلى إمكانية أن تخلق هذه الخطوة توافقا داخليا سوريا مع المعارضة، وأن تشهد حراكا سياسيا إيجابيا يعيد الحياة لوضعها الطبيعي في دمشق.
وتعتزم السعودية دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية في مايو/ أيار. وذكرت أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان سيتوجه إلى دمشق في الأسابيع المقبلة، لتقديم دعوة رسمية للأسد لحضور القمة، فيما أكدت أن سوريا والسعودية اتفقتا على فتح السفارتين بعد أكثر من عشر سنوات على انقطاع العلاقات.