محلل سياسي بـ”المصريين“: كلنا شركاء في الأزمة الاقتصادية الراهنة والقطاع الخاص «غير مؤهل» لتحمل المسئولية
استنكر محمد جعفر – المحلل السياسي بحزب "المصريين" دعوة البعض من خلال وسائل التواصل الاجتماعى من ضرورة وقف كافة المشروعات القومية والطرق والكبارى بزعم أنها مسئولة عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد حاليًا، مشيرًا إلى أن هؤلاء أشد خطورة على مصر من المتآمرين عليها من الخارج.
وأوضح "جعفر" أن الجميع مسئول عن زيادة حدة الأزمة الاقتصادية الراهنة والتى كشفت عن حجم "انعدام الضمير" لدى غالبية التجار الذين انتهزوا الفرصة وحاجة الناس ليجمعوا "المال الحرام" بزيادة أسعار منتجات ليس لها علاقة بالدولار أو الاستيراد من قريب أو بعيد، لافتًا إلى أن الأزمة كشفت أن هؤلاء في واد والدولة المصرية في واد آخر الأمر الذي يفرض علينا ضرورة إعادة النظر في وثيقة سياسة ملكية الدولة بعد أن تأكد لنا بما لا يدع مجالًا للشك عدم قدرة القطاع الخاص على تحمل المسئولية.
وكشف جعفر- إلى أن الدولة المصرية تواجه حربًا شرسة يقودها بعض رجال الأعمال بالتعاون مع أعداء الدولة في الداخل والخارج لـ"تعطيش" السوق من الدولار وقطع الطريق على تحويلات المصريين في الخارج بشراء الدولار بقيمة أعلى من قيمته في البنوك المصرية فأعادوا السوق السوداء للعملة الصعبة من جديد لتعطيل حركة التنمية في البلاد وإحراج القيادة السياسية أمام الشعب، ناهيك عن الشائعات التي تنطلق بين لحظة وأخرى من خلال "الكتائب الالكترونية" التابعة لهم والتى تهدف إلى بث روح اليأس والإحباط لدى الشعب لذلك لم يكن غريبًا أن يتقدم أحد النواب البرلمانيين باستجواب للحكومة رافضًا أن تغطى البنوك فارق الفائدة لشهادة الـ 25 % التى تم طرحها مؤخرًا لسحب الجنيه المصرى من السوق وحمايته من مزيد من الانهيار بدعوى أنه لا يجب أن تتحمل البنوك الزيادة الكبيرة في فوائد هذه الشهادات لعدم زيادة الدين الداخلي حتى تستمر المعاناة إلى مالا نهاية.. وآخرون يطالبون بطرح سندات لقناة السويس وهم يدركون جيدًا أن هذه السندات يمكن أن يشتريها أى شخص في أى دولة حتى وإن كانت من الأعداء.!
وأشار جعفر – أنه من العار أن نحمل القيادة السياسية مسئولية الأوضاع الاقتصادية الراهنة فقد تحمل المسئولية بشجاعة رغم المخاطر الجسيمة التى تحيط بها لدولة خرجت من خريطة الصناعة العالمية منذ عام 1890 وتستورد أكثر من 90% من احتياجاتها الغذائية على الرغم من كونها بلد زراعي ويهدر شعبها نحو 20% من طعامه محققًا رقمًا قياسيًا على مستوى شعوب العالم.
وأضاف المحلل السياسى بحزب "المصريين" أن مصر منذ عام ٢٠١١ مرت بظروف سياسية قاسية كانت كفيلة باسقاط الدولة دون رجعة حيث شهدت البلاد حجم غير مسبوق من أعمال التخريب والعنف والانفلات الأمنى وانهيار مؤسسات الدولة، ونفاذ الاحتياطى الاستراتيجى من العملة الصعبة ومع بداية استقرار الأمور بتولى الرئيس السيسى بدأت ملامح الدولة تعود من جديد لكن سرعان ما جاء حادث سقوط الطائرة الروسية فى أكتوبر ٢٠١٥ ليضرب السياحة المصرية فى مقتل ويتوقف قدوم السياح الروس إلى مصر لعدة سنوات ويضيع أكبر مصدر للدخل القومى على الخزانة المصرية وتتوقف الفنادق ويتم تسريح العمالة حتى أن نسبة الإشغال فى غالبية فنادق شرم الشيخ والغردقة فى تلك الفترة لم تتجاوز ٥٪ ليعكس هذا الرقم حجم المعاناة التى مرت بها الدولة.
وتابع أنه ونتيجة للجهود الدولية الكبيرة التى قامت بها القيادة السياسية على مدار سنوات بدأت السياحة الروسية التى تمثل المصدر الرئيسى لدخل السياحة فى مصر تعود تدريجيًا لكن قبل أن تستقيم الأمور تأتى جائحة "كورونا" ليعانى العالم من جديد أزمة اقتصادية وإنسانية حادة أثرت بالسلب على كافة مناحى الحياة لتدور الدولة المصرية فى فلك الأزمات من جديد ومع بداية أنتهاء أزمة "كورونا" وقبل أن يتنفس العالم الصعداء تندلع الحرب الروسية الأوكرانية محدثة واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية التى شهدها العالم مؤخرًا لتكتوى بها كل الشعوب بلا استثناء خاصة وإننا نستورد سلعنا الغذائية الاستراتيجية من تلك الدولتين وعلى الرغم من كل ذلك حافظت الدولة المصرية على أكبر قدر من التوازن سواء على المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى باتخاذ العديد من قرارات الحماية الاجتماعية وضخ المزيد من الأموال فى مشروعات "حياة كريمة" لحماية الفئات الأكثر تضررًٍا واتباع سياسة ترشيد الانفاق فى المؤسسات والمصالح الحكومية واتخاذ العديد من القرارات الاقتصادية لكبح جماح "الدولار" وتقليل الاستيراد والسعى نحو تحقيق الاكتفاء الذاتى فى عدد من المحصولات الزراعية ووضع استراتيجية واضحة لإعادة التصنيع وتشغيل أكبر عدد ممكن من المصانع وتقديم كافة التسهيلات للمستثمرين وخلق بنية أساسية غير مسبوقة للسياحة مما مكن مصر من استضافة كبريات الأحداث العالمية ولعل آخرها مؤتمر المناخ "كوب ٢٧" الذى جرت فعالياته بمدينة شرم الشيخ فى نوفمبر الماضى بحضور رؤساء وملوك ورؤساء حكومات ووفود من نحو ١٩٤ دولة ليكون أكبر مؤتمر دولى تشهده المنطقة عبر تاريخها الطويل لتعود مصر لاحتلال مكانتها المرموقة على خريطة السياحة العالمية ناهيك عن استمرار تشييد المشروعات القومية ورصف الطرق والكبارى حتى فى القرى والنجوع التى سقطت من خريطة الدولة منذ عقود طويلة فى إعجاز شهد له العالم أجمع ولا ننسى مبادرات علاج المصريين من فيروس "سي" مجانًا والتى كلفت الخزانة العامة للدولة عدة مليارات إلى جانب مبادرة "١٠٠ مليون صحة" ليتم علاج نحو ٧٠ ٪ من الشعب على حساب الدولة فى ظاهرة لم يشهدها العالم من قبل وفى ظل أصعب ظروف اقتصادية يمر بها العالم ربما عبر تاريخه الطويل.
وطالب "جعفر" جموع المصريين بادراك حجم المؤامرة على الدولة المصرية وقيادتها السياسية في الداخل والخارج، مشيرًا إلى أن سياسة الدولة في التعامل مع الأزمة الاقتصادية الحالية تسير في الاتجاه الصحيح وأن أزمة الغلاء هى في المقام الأول "أزمة ضمير" ونقص رقابة من جهة الحكومة، مردفًا أن عام 2023 سيشهد أحداثا اقتصادية كبرى ستحدث تغيير جوهرى في الوضع الاقتصادى الذى نعانى منه وربما تنتهى معه أزمة الدولار بغير رجعة.