فرنسا على موعد مع ”مظاهرات ضخمة وغير مسبوقة” غدا ضد إصلاح نظام التقاعد
تشهد فرنسا غدا الثلاثاء، إضرابا عاما هو السادس من نوعه، ضد مشروع إصلاح نظام التقاعد، وتسعى النقابات العمالية الفرنسية إلى حشد مظاهرات ضخمة وغير مسبوقة والتسبب في "شلل تام" يضرب كل قطاعات الدولة، من بينها النقل والتعليم والطاقة، وذلك من أجل الضغط على الحكومة للتخلي عن خططها.
ومن المنتظر أن يؤثر هذا الإضراب على كل القطاعات الحيوية في البلاد، وأن تتم عرقلة كل نواحي الحياة كما تأمل النقابات العمالية والتي تسعى إلى جعل "7 مارس" يوما لاينُسى" من حيث عدد المشاركين الذي من المتوقع أن يفوق ما تم تسجيله يوم 31 يناير، كان الأعلى من حيث العدد من بين أيام الاضراب الخمسة الماضية (وفقا للكونفدرالية العامة للعمل، في ذلك اليوم، تم حشد 2.8 مليون متظاهر، من بينهم 500 ألف في باريس، بينما أحصت السلطات الفرنسية 1.2 مليون متظاهر من بينهم 87 ألفا في العاصمة الفرنسية).
وتم اتخاذ إجراءات تحسبية للإضراب العام المنتظر غدا، نظرا لعدد المضربين في كل القطاعات، من بينها الكهرباء والطاقة والغاز والمصافي وعمال السكك الحديدية والعاملين في قطاعات الصحة والتعليم والطيران.
وبحسب المعلومات الاستخباراتية، يتوقع نزول ما بين 1.1 و 1.4 مليون متظاهر في جميع أنحاء فرنسا، من بينهم 60 إلى 90 ألفا في باريس.
ففي قطاع الطيران، طلبت المديرية العامة للطيران المدني الفرنسي من شركات الطيران خفض جدول رحلاتها يومي الثلاثاء 7 مارس والأربعاء 8 مارس، بنسبة 20% في باريس وليون وبوردو وعدة مدن أخرى في فرنسا، إثر إشعار الاضراب الذي أرسلته العديد من نقابات مراقبي الحركة الجوية.
كما من المتوقع أن تشهد وسائل النقل في المدن وحركة القطارات اضطرابات شديدة بعد أن دعا الاتحاد النقابي في قطاع النقل إلى إضراب قابل للتمديد، اعتبارا من اليوم الاثنين 6 مارس من الساعة 7 مساء (بتوقيت باريس) لذلك توقع وزير النقل الفرنسي، كليمنت بون، أن يكون غدا /الثلاثاء/ "أحد أصعب الأيام التي شهدتها البلاد" منذ بداية الاحتجاجات، حيث سيكون له تأثيرا كبيرا على وسائل النقل، إثر عدد المضربين المتوقع، وأوصى من يستطيع العمل عن بُعد أن يقوم بذلك لتجنب الاضطرابات في وسائل النقل.
كما توقعت الشركتان الأساسيتان للنقل في فرنسا " الشركة الوطنية للسكك الحديدية" و"الهيئة المستقلة للنقل في باريس" اضطرابات شديدة في ذلك اليوم وأوصت المسافرين الذين يمكنهم إلغاء أو تأجيل رحلاتهم المخطط لها غدا الثلاثاء.
أما قطاع التعليم، ففي اليوم التالي من استئناف الدراسة بعد العطلة الدراسية، دعت نقابات في قطاع التعليم إلى المشاركة في إضراب غدا على نطاق واسع، ويتوقع أن يدخل أكثر من 60% من معلمي المرحلة الابتدائية في الإضراب، وهو الأعلى مقارنة بمعدل المشاركة بين المعلمين يوم 31 يناير (50%).
وفي مجال الطاقة والمصافي، دعا الاتحاد النقابي إلى إضراب قابل للتمديد في المصافي اعتبارا من مساء اليوم الاثنين. وحتى الان لا يوجد وقف في الانتاج ولكن من المتوقع أن يكون للاضراب تأثير في إنتاج الوقود وفي التوزيع. فهناك دعوات ب"عرقلة الاقتصاد بأكمله".
ودخل بالفعل عمال الكهرباء والغاز في إضراب قابل للتمديد منذ الجمعة الماضية. وأعلنوا عن خفض في إنتاج الكهرباء في العديد من محطات الطاقة النووية، وأُضرب عمال في "شركة كهرباء فرنسا" في محطات الطاقة النووية وتم تسجيل خفض في الإنتاج.
ويأتي اليوم السادس من الإضراب العام في البلاد بدعوة من جميع النقابات العمالية والتي طالبت بتكثيف الحراك المجتمعي في الشارع والتسبب في "شلل تام" إذا لم تسحب الحكومة مشروعها والذي وصفته بـ"غير العادل.
وكان فيليب مارتينيز، رئيس الكونفدرالية العامة للعمل، قد أكد في تصريح سابق، مواصلة الحشد والتعبئة، قائلا : "ما دامت الحكومة لا تتراجع عن مشروعها لإصلاح نظام التقاعد، فإن التعبئة والحشد ستكون مستمرة".
كما يأتي هذا الإضراب بالتزامن مع مناقشة هذا المشروع بمجلس الشيوخ، منذ الخميس الماضي، وذلك بعد أسبوعين من النقاشات "الحادة ووسط أجواء شديدة التوتر" في الجمعية الوطنية، والتي انتهت دون التصويت عليه ودون حتى تناول المادة 7 التي تثير غضب الشارع والتي تنص على رفع سن التقاعد القانوني من 62 إلى 64 عاما بحلول 2030.
ويعد إضراب غدا هو السادس من نوعه، بعد إضرابات أيام 19 و31 يناير الماضي، و7 و11 و16 فبراير الماضي، احتجاجا على هذا المشروع والذي يقضي برفع سن التقاعد إلى 64 عاما بحلول 2030، وسيرفق هذا المشروع بتسريع تمديد فترة المساهمات التي سترفع إلى 43 عاما قبل 2035 الذي حدده إصلاح سابق، وتأمل الحكومة بهذا الاصلاح خفض النفقات بحلول عام 2030. وقد تكون مستعدة لرفع الحد الأدنى لرواتب التقاعد إلى 1200 يورو لكل المتقاعدين .
وفي 16 فبراير الماضي، وهو اليوم الخامس من التعبئة، شارك نحو 300 ألف متظاهر في المسيرات التي انطلقت في العاصمة الفرنسية، حسبما أعلنت الكونفدرالية العامة للعمل، موضحة أن ذلك العدد أقل مما تم تسجيله خلال يوم الاحتجاج الرابع (السبت 11 فبراير) حيث تم تسجيل 500 ألف متظاهر وفقا للكونفدرالية و93 ألف شخص وفقا للسلطات الفرنسية، في باريس.
وغدا، تحشد النقابات الفرنسية قواها كاملة في المعركة ضد إصلاح نظام التقاعد، عازمة على استمرار المشاركة في مظاهرات لحين التراجع عن هذا المشروع، بينما تتمسك الحكومة الفرنسية بموقفها حيث تعتزم المضي قدما في خططها، معتبرة أن هذا الإصلاح ضروري ولا غنى عنه لضمان مستقبل نظام التقاعد في البلاد.