مفتي الجمهورية: يجوز للمرأة أن تعمل وكيلًا للنيابة الإدارية وقاضية ما دامت أهلًا لذلك
قال الدكتور شوقي علَّام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم إنه يجوز للمرأة أن تعمل وكيلًا للنيابة الإدارية وقاضية ما دامت أهلًا لذلك ما دامت تستطيع التوفيق بين العمل في هذه الوظيفة وبين حق زوجها وأولادها وأصحاب الحقوق عليها إن وجدوا، وما دام ذلك في إطار أحكام الإسلام الأخلاقية بعيدًا عن السفور والتبرج والخلوة غير الشرعية؛ فعملها هذا يكون من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي في إقرار النظام العام، والأخذ على يد الفساد والمفسدين.
جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج (كل يوم فتوى) مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية (صدى البلد)، في معرض رده على سؤال عن حكم تولي المرأة للقضاء، مضيفًا أن تولِّي المرأة للمناصب القيادية أمرٌ جائز شرعًا، والشريعة الإسلامية إذ تقرِّر ذلك لم تنظر إلى النوع، إنما اعتبرت الكفاءة والقدرة على إنجاز الأمور على أتم وجه، وهناك مواقف لسيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحض فيها على الثقة بالمرأة وإعطائها من الحقوق والقيادة ما تكون مؤهلة له.
وأوضح المفتي أن بعض الفقهاء ذهبوا إلى جواز تولي المرأة للولايات العامة والقضاء؛ كالطبري وابن حزم وهي رواية عن مالك، وأجاز الإمام أبو حنيفة وأصحابه للمرأة أن تلي القضاء فيما يجوز لها أن تشهد فيه، أي: في غير الحدود والقصاص، وقد سارت دار الإفتاء المصرية على درب من قال بجواز تولي المرأة للقضاء.
وأشار إلى أنه لا يصحُّ الاستدلال على عدم جواز تولي المرأة المناصب العامة بقول النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً" صحيح البخاري؛ لأن هذا الحديث الشريف ورد على سبب مخصوص، وهو ما يُعرف في اصطلاح علماء الأصول بواقعة العين؛ وهي الحادثة أو النازلة المختصة بمُعَيَّن، والأصل في واقعة العين أنها تختص بالشخص المُعَيَّن الذى وقعت لأجله، فلا تعمُّ في حكمِها غيرَه، وكما تقرر في علم الأصول أن: "وقائع الأعيان لا عموم لها"؛ ومن ثمَّ فإن هذا الحديث الشريف واقعة عين، لا يُسْتَدَلُّ بها على غيرها أصلًا.
كما أشار المفتي إلى أن هذا الحديث الشريف يُستدل به على واقعة عين لا عمومَ لها؛ وذلك لأنه ورد على سبب خاص في سباق وسياق ولحاق معين، لا يستقيم في بداهة العقل حملُه على وجه العموم، وقد تعرَّض لسبب وروده الخاص العلامة ابن الجوزي فقال: سبب قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا: أنه لما قَتَل شيرويه أباه كسرى، لم يملك سوى ثمانية أشهر، ويُقال ستة أشهر، ثم هلك، فملك بعده ابنه أردشير، وكان له سبع سنين فقُتِل، فملكت بعده بوران بنت كسرى، فبلغ هذا رسولَ الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً"؛ وكذلك كان، فإنهم لم يستقم لهم أمر.
وذكر أنَّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- لَمَّا علِم بولاية المرأة؛ أخبر أنَّ هذا علامةُ ذهاب ملكهم وتمزُّقه، إجابةً لدعوته عليهم؛ مصداقًا لقول الله- عز وجل- ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [الأحزاب: 57]؛ ومن ثمَّ فلا يُعَدُّ ذلك إخبارًا عامًّا منه صلى الله عليه وآله وسلم بأن كل قوم يُوَلُّون امرأةً عليهم أنهم لا يُفلحون.
وأكد المفتي أن القوانين المعمول بها في الدولة أصلها رأي معتبر عند العلماء، حيث إن هذه القوانين الملزمة بأمر ولي الأمر، مبنية على أقوال أهل العلم، ومن المعلوم أنَّ "حكم الحاكم يَرْفع الخلاف"، وأنَّ "لولي الأمر تقييد المباح"، وأنَّ له أن يتخيَّر في الأمور الاجتهادية ما يراه محقِّقًا للمصلحة.
واختتم مفتي الجمهورية حواره بالتأكيد على أن استخدام بخاخة الربو أثناء الصيام لا تؤدي إلى الفطر، وذلك بعد بحث المسألة مع الأطباء المتخصصين.